روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | عندما ظننت أن الأحمر ينفع...

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > عندما ظننت أن الأحمر ينفع...


  عندما ظننت أن الأحمر ينفع...
     عدد مرات المشاهدة: 2149        عدد مرات الإرسال: 0

لطالما أحسست بالفخر بجنسيتي الأردنية، فالأردن بلدي الذي وُلدت ونشأت على حبه بالفطرة، ثم أحببته عن سابق إصرار وترصد كلما كبرت وتعلمت وعشت على ترابه في كنف أهلي وأكلت طعامه وشربت ماءه، وبالرغم اني قضيت ربع عمري في بريطانيا الا اني لم أندم على ضياع فرص سنحت لي بأن أصبح مواطنة بريطانية، وأحصل على الجواز الأحمر، وهو حلم طبيعي لأي مواطن عربي يرى في الغرب جنة عدن حيث لا هم ولا نصب ولا فقر ولا قيود.

حتى كان اليوم الذي زارتني فيه صديقتي الفلسطينية الأصل البريطانية الجنسية عبورا من الأردن الى فلسطين للعمل مع الأمم المتحدة في وكالة الأونروا في القدس، أربع ساعات كانت رحلة المرور، قضيناها في الحديث عن أحلامها: ماذا ستفعل؟ أي الأماكن ستزور؟ ماذا ستتعلم؟ وكيف ستخدم القضية الفلسطينية بلغتها وإطلاعها على الحضارتين العربية والغربية، ثم أوصلتها الى مكتب الأونروا الذين وفروا لها سيارة لتقلها الى القدس عن طريق جسر اللنبي، سألت السائق: كم تحتاجون للوصول الى القدس؟ قال: ساعة تقريبا..ودعت صديقتي والدموع في عيني، وكانت أول مرة أحزن اني لم أحصّل ذلك الأحمر البريطاني أو أي لون من الألوان التي تأخذني الى القدس ولو في زيارة..

القدس...قلت لموظف الأنروا: أنا أتقن الانجليزية ولكن من غير الأحمر، في أمل؟؟؟ شغلوني أي شيء..ضحك على براءتي أو سذاجتي، وكأنه يقول لي: هنا لا تنفع الأمنيات، والأحلام على الأغلب كوابيس.

القدس..ماذا كنت سأوصي صديقتي؟؟ تسجد عني؟ تمرغ رأسها في تراب الأقصى عني؟؟ تشرب الماء عني؟؟ تصافح الناس عني؟؟ تزور الأماكن عني؟؟ أينفع حب الأرض بالوكالة؟؟

و خطر ببالي: كل الطيور تعود في ذيل النهار الا أنا يا قدس أخطأني القطار.

هل حسدت صديقتي؟؟ لا والله..و لكن ما هي الا ساعات معدودة من مغادرتها حتى إتصلت بي لتخبرني ان اليهود رفضوا دخولها كونها تحمل أيضا الجنسية الفلسطينية ومن مواليد غزة بالرغم ان الأونروا تعاقدت معها وهي تعلم هذا الأمر وبناء على جنسيتها البريطانية، وحتى سفارة اسرائيل في بريطانيا أعطتها فيزا للسفر الى اسرائيل عن طريق مطار بن غوريون ثم عادت وسحبتها لكونها فلسطينية وأخبروها قبل ليلة من سفرها أن عليها الدخول عن طريق الأردن، كان حلمها وحماسها وتفانيها كافيا ليجعلها تسافر حول الأرض لتصل فلسطين، ولكن الأحمر ومن ورائه عقد العمل مع الأمم المتحدة، الأونروا، لم تساعد صديقتي في دخول فلسطين لانها فلسطينية الأصل ويا لها من تهمة!!!

تذكرت عندها من قال: من تهمته أنه فلسطيني لا يخرج من السجن أبدا لا تنفعه شفاعة الشافعين

إذن..لم ينفع الأحمر، ولم تنفع شفاعة بلفور عند اليهود لهذه الشابة التي تتقن الانجليزية والعبرية أكثر من العربية، وتعرف تاريخ الصراع من ألفه الى يائه بقلب ما زال يرى في المستقبل بارقة أمل

ليست حالة فردية ولا تجربة شخصية، هي قصتنا جميعا.. الممنوعون من العبور، الواقفون خارج أسوار القدس نسمعها مجلجلة: في القدس من في القدس الا أنت.

بقلم: د/ ديمة طارق طهبوب

المصدر: موقع نافذة مصر.